زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حقيقة رفع عيسى # إلى السماء]

صفحة 456 - الجزء 1

  أم أنهم أهل دين الإسلام الذي جاء به محمد ÷؛ فإنهم على الحقيقة هم أتباع عيسى؛ لأن دينهم مصدق لدينه، وكتابهم مصدق لكتابه، ودين محمد ÷ ودين عيسى # دين واحد.

  فأهل الإسلام اليوم وأتباعه أهل مذاهب متعددة وكلها هالكة لضلالها عن الحق إلا أهل مذهب واحد هو مذهب آل محمد ÷، ولكنهم قلة قليلة، لا سلطان لهم ولا قوة.

  إذا عرفت ذلك فيمكننا أن نقول:

  وعد الله تعالى لا شك في صدقه وحتمية وقوعه، فالأقرب أن المراد النصارى الذين اتبعوه وإن حصل منهم من بعد ما حصل من التحريف والغلو.

  يؤيد ذلك: أن الله تعالى قال: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ}؛ فإن ذلك يدل على أن الوعد هو للذين قد حصل منهم الاتباع لعيسى # وهم النصارى الذين كانوا على عهده #، وينسحب الوعد لأخلافهم إلى يوم القيامة، ولو أن الله تعالى أراد بالوعد للمسلمين لعبر بالفعل المستقبل مكان الماضي.

  فإن قيل: تحقيق ذلك الوعد ثواب من الله، أو شبيه بالثواب، لا يستحقه النصارى لكفرهم بالله، وغلوهم في الدين؛ فكيف يعطيهم الله ذلك مع كفرهم؟

  فيمكن أن يقال: لم يعطهم الله تعالى ذلك الوعد على جهة الثواب والتكريم لهم، وإنما أعطاهم ذلك ليتسلطوا على اليهود الذين كفروا بعيسى، وبهتوا أمه، ونسبوه إلى الزنا.

  والدليل على ذلك: أن الله تعالى وجه الخطاب بهذا الوعد إلى عيسى # الذي لقي هو وأمه من اليهود ما لقي ليسليه ويطمئنه بأنه سينتقم له من اليهود بأن يسلط عليهم النصارى إلى يوم القيامة، وسياق الآية يفيد ذلك: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}⁣[آل عمران: ٥٥].