[حقيقة رفع عيسى # إلى السماء]
  أم أنهم أهل دين الإسلام الذي جاء به محمد ÷؛ فإنهم على الحقيقة هم أتباع عيسى؛ لأن دينهم مصدق لدينه، وكتابهم مصدق لكتابه، ودين محمد ÷ ودين عيسى # دين واحد.
  فأهل الإسلام اليوم وأتباعه أهل مذاهب متعددة وكلها هالكة لضلالها عن الحق إلا أهل مذهب واحد هو مذهب آل محمد ÷، ولكنهم قلة قليلة، لا سلطان لهم ولا قوة.
  إذا عرفت ذلك فيمكننا أن نقول:
  وعد الله تعالى لا شك في صدقه وحتمية وقوعه، فالأقرب أن المراد النصارى الذين اتبعوه وإن حصل منهم من بعد ما حصل من التحريف والغلو.
  يؤيد ذلك: أن الله تعالى قال: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ}؛ فإن ذلك يدل على أن الوعد هو للذين قد حصل منهم الاتباع لعيسى # وهم النصارى الذين كانوا على عهده #، وينسحب الوعد لأخلافهم إلى يوم القيامة، ولو أن الله تعالى أراد بالوعد للمسلمين لعبر بالفعل المستقبل مكان الماضي.
  فإن قيل: تحقيق ذلك الوعد ثواب من الله، أو شبيه بالثواب، لا يستحقه النصارى لكفرهم بالله، وغلوهم في الدين؛ فكيف يعطيهم الله ذلك مع كفرهم؟
  فيمكن أن يقال: لم يعطهم الله تعالى ذلك الوعد على جهة الثواب والتكريم لهم، وإنما أعطاهم ذلك ليتسلطوا على اليهود الذين كفروا بعيسى، وبهتوا أمه، ونسبوه إلى الزنا.
  والدليل على ذلك: أن الله تعالى وجه الخطاب بهذا الوعد إلى عيسى # الذي لقي هو وأمه من اليهود ما لقي ليسليه ويطمئنه بأنه سينتقم له من اليهود بأن يسلط عليهم النصارى إلى يوم القيامة، وسياق الآية يفيد ذلك: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ٥٥].