مدرسة اللفظ
  الطريق، يعرفها العجمي والعربيَ، والبدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن، وتخير اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحة الطبع، وجودة السبك»(١).
  وتتابع العلماء بعد الجاحظ يكررون قوله، ويؤكدون رأيه، ويرجحون جانب اللفظ، ويعدّونه العنصر الأهم في التعبير الجميل. قال أبو هلال العسكري(٢) في كتاب «الصناعتين»: وليس الشأن في إيراد المعاني، لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي، والقروي والبدوي، وإنما هو في جودة اللفظ وصفائه، وكثرة طلاوته ومائه، مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أوَدِ النظم، والتأليف وليس يُطلب من المعنى إلا أن يكون صواباً(٣).
  وسار ابن خلدون في هذا الاتجاه، فقد كان يرى أن الأصل في صناعة النظم والنثر إنما هو للفظ والمعاني تابعة للفظ «لأن المعاني موجودة عند كل واحد، وفي طوق كل فكر منها ما يشاء ويرضى، فلا تحتاج إلى صناعة»(٤) ويورد تشبيهاً على ذلك ماء البحر، فقد يغترف بآنية الذهب والفضة والصدف والزجاج والخزف، بينما الماء واحد في نفسه، وإنما الاختلاف قائم بين الأواني(٥).
  وكان أحمد حسن الزيات(٦) من المعاصرين ميالاً إلى ترجيح جانب اللفظ. ومن أقواله: «والحق أن أظهر الدلالات في مفهوم البلاغة هي
(١) الحيوان ٣/ ١٣١.
(٢) اسمه الحسن بن عبد الله، وانظر ترجمته في معجم الأدباء ٨/ ٢٥٨؛ وبغية الوعاة ص ٢٢١؛ والأعلام ٢/ ٢١١.
(٣) الصناعتين ص ٥٨.
(٤) المقدمة ص ١٣٠٢.
(٥) انظر: تاريخ النقد الأدبي عند العرب للدكتور إحسان عباس ٦٢٧.
(٦) من رواد الأدب الحديث، مصري أصدر مجلة الرسالة، وكتب عدداً من المؤلفات توفي سنة ١٩٦٨ م.