أقسام المجاز
  كذلك حين نقول: سالت الأنهار، وجرت الأودية ... فالأنهار لا تسيل، والأودية لا تجري ... لأن الأنهار هي تلك الحُفُر التي تسيل فيها المياه، والأودية هي حُفرٌ كذلك تكون في أسافل الجبال، أو الأماكن العالية، فإذا كثرت المياه فيها جرت وانسابت من مكان إلى مكان ... وتبقى الأنهار والأودية ثابتة لا تتحرك من أماكنها ...
  والذي سوَّع إسناد الفعل (سَالَتْ) أو (جَرَتْ) إلى الأنهار والأودية إنما هو العلاقة المكانية الرابطة بين النهر والوادي وجريان المياه أو سيلانها ...
  ومثل ذلك نقول: زُرْنا حديقة غَنَّاءَ، وجلسنا إلى مَشْرَبٍ عَذَبٍ، ورَشفْنا من نهرِ فُرات ...
٤ - العلاقة المصدرية
  قال الشاعر يمدح كريماً:
  تكادُ عطاياهُ يُجَنُّ جُنُونُها ... إذا لم يُعوِّذُها بِرُقْيَة طالب(١)
  لقد جعل الشاعر عطايا ممدوحه كائناً حيَّاً، له مشاعرُ الإنسان وأحاسيسه. فالعطايا تكاد تقوم وتَقْعُد، ويصيبها مسٌّ من الجنون، إن لم يُحصنَّها صاحبُها بدعوة صالحة يدعوها محتاجٌ تسلَّمها من يد هذا الممدوح الكريم.
  الشاهد في هذا البيت (يُجَنُّ جُنُونُها) ... أسند الشاعر الفعل (يُجَنُّ) إلى
(١) يُعوّذها: يُحصَّنُها الرقية: ما يرقى به الإنسان من عينِ حاسد.