البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثاني الإنشاء

صفحة 83 - الجزء 1

الهمزة

  يُسأل بها عن المفرد كما يسأل بها عن الجملة.

  فالمفرد، هو الذي دعاه البلاغيون بالتصور. أما الجملة فهي كما بينا تشتمل على فعل وفاعل، أو فعل ونائب فاعل، أو مبتدأ وخبر. ويسميها البلاغيون تسميات عدة: فهي «إسناد» يتألف من مسند ومسند إليه، أو هي «نسبة»، أو هي «حُكم»، أو هي تصديق. وفي بحث الاستفهام يرجحون التعبير عنها بـ التصديق مرة، أو بـ الحكم مرة أخرى. ولهذا يقولون: يُسأل بالهمزة عن التصور وعن التصديق.

  فلو أراد سائل أن يستفهم عن حكم من الأحكام: فإنه يقول: أكتب خالد وظيفته؟ السائلُ هنا لا يسأل عن فعل الكتابة بحد ذاته. ولا عن خالد. وإنما يسأل هل حصلت الكتابة من خالد؟ والجواب يكون بالإيجاب أو بالسلب، فيقال: نعم، أو يقال: لا.

  كذلك لو سأل سائل: أأنت المكرم ضيفك؟ فإنه يريد أن يستخبر هل أنت الذي أكرمت ضيفك؟ وهو لا يريد بخطابك شخصك مستقلاً عن أي عنصر آخر، ولا يريد إكرام ضيفك مقطوعاً عن أي صلة أخرى، وإنما يريد معرفة نسبة الإكرام للضيف، هل حصلت منك أنت؟ ويكون الجواب عن هذا السؤال بنعم أو بلا.

  هذا هو سؤال التصديق، أو السؤال عن النسبة، أو الاستفهام عن الحكم. والهمزة هي الأداة الصالحة لهذا الشأن.

  وتتميز الهمزة من بقية أدوات الاستفهام الأخرى أنها تصلح للسؤال عن المفرد «التصور» وعن التصديق «النسبة».

  ***