البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 126 - الجزء 2

أما الاستعارة التَّبعيّة

  فهي ما كان اللفظ المستعار، أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسماً مشتقاً أو فعلاً⁣(⁣١)

  مثال ذلك قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ}⁣[الأعراف: ١٥٤] الشاهد في الآية الكريمة لفظة (سَكَتَ).

  وفي إجراء هذه الاستعارة التصريحية نقول: شُبَّه انتهاء الغضب عن موسى بالسكوت، بجامع الهدوءِ في كلَّ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به، وهو (السكوت)، للمشبه، وهو (انتهاء الغضب)، ثم اشتقَّ من (السكوت) بمعنى انتهاء الغضب (سكت) الفعل، بمعنى: انتهى.

  مثال آخر من وصف البحتري لقصر:

  مَلَأت جوانُبُه الفضاء وعانَقَتْ ... شُرُفَاتُهُ قَطَعَ السَّحَابِ الْمُمْطِرِ

  الشاهد في البيت لفظ (وعانقت).

  في إجراء الاستعارة التصريحية الموجودة في البيت نقول: شُبهت


(١) المشتقات هي: الفعل المتصرف، واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم المصدر، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة، واسم التفضيل.

يتعمق بعض البلاغيين في تفصيل الاستعارة التبعية، فيتحدثون إضافة إلى ما ذكرنا من المشتقات عن الاسم المبهم كالضمير، أو اسم الإشارة، أو الاسم الموصول، أو بعض الحروف ... مما ينيه معه طالب البلاغة ويضيع بين التأويلات والمتاهات. وقد اكتفينا بالأمور الجوهرية حفاظاً على الجمال الفنيّ والوضوح المشرق في هذا الفن البديع.