البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثالث المسند إليه

صفحة 121 - الجزء 1

  وقد يقول قائل: إن كلمة «الناس»: مسند إليه، وكذلك «سيرتُه»: نائب فاعل في المثال الأصيل فهي مسند إليه. ولكنا نقول: إن كلمة «سيرته» أصلها مفعول به أو قيد، وإعرابها بلاغياً بالمسند إليه لا يقوم مقام المسند إليه الأصيل المحذوف. ولهذا فقد رجّحنا القول بإن المسند إليه «الأصيل» محذوف بسبب الحفاظ على السجع والنغم الموسيقي.

  ومثله في الشعر قول الشاعر:

  وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن تردَّ الودائع⁣(⁣١)

٦ - تَعَيُّن المحذوف وظهوره

  لو سمعت قائلاً يقول: «خالقُ الخَلْق». إذاً لَفَهمت رأساً بدون أدنى شك أنه هو الله وحده، وأن أصل القول: «الله» خالق الخلق. ولما كان الله وحده هو المتفرد بالخلق أمكن الاستغناء عن ذكره لتعينه وظهوره.

٧ - عدم الفائدة من ذكره

  وعدم الفائدة تتأتى من الجهل به، أو عدم تعلق أي غرض من الأغراض البلاغية في ذكره. فلو قيل لك «سُرِقَ بيتي» فهمت أن القائل يجهل الفاعل، وأنه لم يزدك معرفة لو قال لك: سرق سارق بيتي. لأنك لا تعرف ذات السارق، ولا فائدة زائدة في الكلام لو ذكر المسند إليه.

  ***

  وبعد، فهناك مقاصد أخرى يحذف فيها المسند إليه، كالخوف منه، أو الخوف عليه، أو تعظيمه فلا يذكر اسمه على كل لسان، أو تحقيره


(١) البيت للشاعر لبيد بن ربيعة العامري ٢٤٤/ ٢ أشعار الشعراء الستة الجاهليين. ط دار الآفاق - بيروت.