البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الخامس أحوال متعلقات الفعل

صفحة 155 - الجزء 1

  الذين يعلمون علوم الدين، أو علوم الدنيا، أو علوم الفلك، أو الرياضة، أو الجغرافية، أو قيادة السيارة، أو ركوب الدراجة، أو السباحة، أو ركوب الخيل، أو فن الصيد أو ... إلى آخر ما هنالك من أمور في الحياة. مع الذين لا يعلمونها؟

  لقد اتسع مدلول «يعلمون» حين حذف مفعوله اتساعاً كبيراً.

  ومثله حيث نقول: فلان يعطي ويمنع، ويضر وينفع، ويصل ويقطع. حذفت المفاعيل المخصوصة المحدودة المعنى، وراح الفعل قابلاً تفسيره كل معنى، أو كاللازم.

  من ذلك قول البحتري يمدح المعتز ويعرض بالمستعين:

  شجو حسّاده وغَيظُ عِداه ... أن يرى مبصر ويسمع واعِ⁣(⁣١)

  الشاهد في قوله: يرى مبصر، ويسمع واعٍ، إذ حذف المفعول، فصار الفعل المتعدي كاللازم وأصبح المعنى: إن محاسن المعتز وفضائله يكفي فيها أن يقع عليها بَصَرُ، ويعيها سمع، فيعلم أنه مستحق للخلافة، حتى إن حساده يتمنون ألا يكون في الدنيا مبصر، ولا سامع يعي، كي يخفى استحقاقه لشرف الإمارة، ليجدوا بذلك سبيلاً إلى منازعته إياها⁣(⁣٢)

حذف المفعول

  إذا كان المفعول مخصوصاً فإنه يحذف لدواع منها:

١ - البيان بعد الإبهام

  ويكون ذلك بعد فعل المشيئة غير المعدّاة إلى شيء إذا سبقت بأداة شرط؛ على أن يكون المفعول عاما لا خاصاً. نحو {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ


(١) ديوان البحتري ص ١٢٤٢، ومطلع القصيدة: «لك عهدٌ لدَيَّ غَيْرُ مُضَاع».

(٢) انظر التبيان في علم البيان لابن الزملكاني، طبعة العاني ببغداد، ص ١٤٥.