البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث السابع الوصل والفصل

صفحة 172 - الجزء 1

ضوابط الوصل والفصل

  لو فتحنا كثيراً من كتب البلاغة، ولا سيما المؤلفة في العصور المتأخرة لوقعنا على ضوابط للوصل وللفصل، يعجز الإنسان عن الإحاطة بها، أو حفظها، ومن ثَمَّ عن تطبيقها. فيها ما يُسَمَّى بكمال الاتصال، وكمال الانقطاع، وشبه كمال الاتصال، وشبه كمال الانقطاع، والتوسط بين الكمالين، وما سوى ذلك.

  ويخيل إلينا أن هناك ضابطين اثنين يميزان الوصل من الفصل، لو عرفهما الإنسان حق المعرفة، أدّى حق الكلام وواجب التعبير الفني البديع الذي تَطَلَّع إليه الكبار من العلماء وأولي الذوق المرهف الرفيع.

الضابط الأول

  أن يعرف الكاتب أو الشاعر، أو المتحدث ما يريد أن يقول، وما يسعى للوصول إليه.

  هذه المعرفة هي الأساس ومتى أخطأها الإنسان ذهب كلامه أدراج الرياح.

  العاقل من الناس هو الذي يختار الكلمة المناسبة للمكان المناسب، والتعبير الموجز أو المسهب أو المتوسط وفقاً لعقلية من يخاطب، وذكاء من يتحدث إليه ومكانة من يقف بين يديه.

الضابط الثاني

  وهو ضابط يعتمد على العِلم أولاً وأخيراً. ونقصد علم النحو أولاً، والبلاغة ثانياً.

  ينبغي أن يعلم من خلال علم النحو معاني الحروف، وكيفية استخدامها في التعبير فالواو تؤدي معنى يختلف عن الفاء، أو ثم، أو بل من معاني العطف.