المبحث الثامن الإيجاز والإطناب والمساواة
  وهو أن يؤتى في عجز الكلام غالباً بمثنَّى مفسر باسمين، أحدهما معطوف على الآخر كقوله #: يَشيب ابن آدم و تشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل.
  وكقول البحتري:
  لما مَشَيْنَ بذي الأراك تشابهت ... أعطافُ قضبان به وقدود
  في حُلَّتَيْ حِبَرٍ وروض فالتقى ... وشيان: وشي رُبَى ووشي برود
  وسَفَرْنَ فامتلأت عيون راقها ... وردان: ورد جني وورد خدود
  ومتى يساعدنا الوصال ويومنا ... يومان: يوم نوى ويوم صدود(١)
ب - ذكر الخاص بعد العام
  الغرض البلاغى من هذا الإطناب هو التنبيه على فضل الخاص وزيادة التنويه بشأنه، حتى كأنه ليس من جنس العام.
  مثل ذلك قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة: ٢٣٨] فلقد خَصَّ الصلاة الوسطى بعد ذكر الصلوات عامة لأهميتها؛ إذ تقع في وسط النهار، إبان انصراف الناس إلى أعمالهم، وإنهماكهم في شؤون العيش مما قد يحملهم على التهاون والإهمال لذلك خصها القرآن بالذكر، لتكون بمثابة رادع للناس عن التهاون، ومذكر لهم بفريضة الصلاة وما يتوقف عليها من معطيات في سلوك المرء.
ج - ذكر العام بعد الخاص
  والغرض من ذلك هو إفادة العموم مع العناية بشأن الخاص. دعا نوح # فقال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ
(١) ديوان البحتري ص ٦٩٧، ومطلع القصيدة: (شُغْلانِ: من عَذَل ومن تفنيد).