البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثامن الإيجاز والإطناب والمساواة

صفحة 187 - الجزء 1

هـ - الاحتراس والتأدب

  ويكون حينما يأتي المتكلم بمعنى يمكن أن يدخل عليه فيه لوم، فيفطن لذلك، ويأتي بما يخلصه منه. ذلك هو الاحتراس.

  أما الاعتراض فمعظمه يرد في خلال الكلام للتأدب والتلطف والدعاء، أو لغرض غالباً ما يكون حسناً.

  مَثَل الاحتراس قول الشاعر:

  فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الربيع وديمة تهمي

  إن جملة «غير مفسدها» كانت احتراساً من الشاعر أن يخطئ سامعه بفهم كلامه ومراده. فسقيا السماء للأرض قد تكون بالغة إلى حد الطوفان، فاحترس الشاعر لهذا، فجاء بالعبارة اللطيفة.

  ووصف ابن المعتز فرسه الأصيلة فقال:

  صبينا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجلُ

  فلو لم يحترس الأمير الشاعر بكلمة «ظالمين» لاعتقدنا أن فرسه ليست أصيلة، ولا تجري إلا إذا ضربت بالسياط.

  ومثال اعتراض التأدب قول أسلافنا اعلم حفظك الله أن هذا العلم من خير العلوم. إلخ.

  وكقولك لرجل تتحدث عن أبيه أو عن إنسان فاضل انتقل إلى جوار ربه: كان | من أفضل الناس وأكرمهم. وكقولك مخاطباً أحد أحبابك: إن هذا أطال الله عمرك من أعظم ما يجنيه المرء في حياته.

  وهكذا. وكقول زهير:

  إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان