البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث السابع الوصل والفصل

صفحة 171 - الجزء 1

المبحث السابع الوصل والفصل

الوصل والفصل في رأي العلماء

  قيل لأبي علي الفارسي: ما البلاغة؟ فقال: معرفة الفصل من الوصل.

  وقال المأمون لبعضهم: من أبلغ الناس؟ فقال: مَن قَرَّب الأمرَ البعيد المتناول، والصَّعبَ الدَّركَ بالألفاظ اليسيرة. قال: ما عَدَل سهمُكَ عن الغَرَض، ولكن البليغ من كان كلامه في مقدار حاجته، ولا يجيلُ الفكرة في اختلاس ما صعب عليه من الألفاظ، ولا يُكْرِهُ المعاني على إنزالها في غير منازلها، ولا يتعمّد الغريب الوحشي، ولا الساقط السُّوقي، فإن البلاغة إذا اعتزَلَتْها المعرفةُ بمواضع الفصل والوصل كانت كاللآلئ بلا نظام.

  وكان يزيد بن معاوية يقول: إياكم أن تجعلوا الفصل وصلاً، فإنه أشدّ وأعيبُ من اللحن.

  وكان أكثم بن صيفيّ إذا كاتَبَ ملوك الجاهلية يقول لكتابه: افصلوا بين كل معنِّى مُنقَضِ، وَصِلُّوا إذا كان الكلام معجوناً بعضه ببعض⁣(⁣١)


(١) من كتاب الصناعتين ص ٤٣٨ - ٤٤٠.