الطباق والمقابلة
  فالتكافؤ بين «تضحك وبكاء» وهما لفظان وردا على سبيل المجاز وليس الحقيقة. ومثله قول علي بن أبي طالب ¥ (احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع). قال ابن أبي الحديد: (ليس يعني بالجوع والشبع ما يتعارفه الناس، وإنما المراد: احذروا صولة الكريم إذا ضيم وامتهن. واحذروا اللئيم إذا أكرم)(١) فعبر عن الضيم بالجوع، وعن الإكرام بالشبع وهو مجاز، وكلا معنييهما متقابل، وسواء أكان في الحقيقة أم في المجاز.
الطباق بين السلب والإيجاب
  وقد يكون الطباق بين السلب والإيجاب، وهي مطابقة لم يُصرح فيها كقوله بإظهار الضدين، وإنما كان أحد اللفظين موجباً والآخر سالباً. تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩] فالطباق بين «يعلمون ولا يعلمون» وهو طباق بين الإيجاب والسلب، وكقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة: ١١٦] وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٦ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الروم: ٦ - ٧].
  فالمطابقة في هذه الآيات الكريمة حاصلة بين إثبات العلم ونفيه.
  ومثله كذلك ما قيل لبشر بن هرون، وقد ظهر منه الفرح عند موته: «أتفرح بالموت؟ فقال ليس قدومي على خالق أرجوه كمقامي عند مخلوق لا أرجوه». فقد طابق طباق إيجاب وسلب بين «أرجوه ولا أرجوه» ومثله ما ينسب إلى السموال(٢):
  وتنكر إن شيئنا على الناس قولهم ... ولا ينكرون القول حين نقول
  فقد طابق إيجاباً وسلباً بين «وتنكر ولا ينكرون».
(١) أنوار الربيع ٣٧/ ٢.
(٢) نسب إلى الموال أشعار كثيرة في الفخر ومكارم الأخلاق. ويخيل إلينا ان هذه الأشعار جميعا منحولة موضوعة، فاليهود - مذ كانوا وحتى يومنا - أخس أهل الأرض وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله.