البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الطرد مديح والعكس هجاء

صفحة 149 - الجزء 3

  ويقال إن صفي الدين الحلي اطلع على هذه الأبيات، فأخذ الحريري لأنه التجأ إلى بحر قصير، وهو مجزوء الرجز، فكتب مقطوعة ذات سبعة أبيات على بحر الطويل، وأراد أن يثقل على نفسه أكثر، فكتب الأبيات في موضوع خاصّ أراد عرضه بهذه المناسبة على الملك الذي اقترح عليه الكتابة على منوال الحريري فقال في مطلعها:

  أنت ثناء ناصيراً لك إنَّه ... هنا كل ارض أن أنث ثناء

  وهي مقطوعة عسيرة الهضم، بادية الكلفة، ثقيلة على القلب.

  كذلك أولع الشيخ ناصيف اليازجي في بعض مقاماته في مجمع البحرين بهذا اللون، فكتب في إحداها قصيدة نقتطف منها هذه الأبيات⁣(⁣١):

  قمر يُفرط عمداً مشرق ... رش ماء دمع طرف يرمق

  قلق يلثمُ نَادِي عبلة ... لبعيد إنَّ مثلي قلق

  قد حماها ركب ليل حافظ ... فاح ليل بكراها محدق

  قر في الف نداها قلبه ... بلقاها ديف لا يفرق

  قطنت هيفاء فيه آمنا ... إنما هيفاء فيه تنطق

  قف ألا قاض فإني ضاق بي ... ريب قاضينا فضاق الأفق

  قد حلا كاذب وعد تابع ... لعباً تدعو بذاك الحدق

  قبس يدعو سناه إن جفا ... فجناه أنسُ وعد يسبق

الطرد مديح والعكس هجاء

  وفي إحدى الحكايا أن بطل مقامات اليازجي نظم لوجيه بيتين، ظاهرهما مديح، وعكسهما هجاء. وهما⁣(⁣٢)

  باهي المراحم حسن المراحم ... كرماً قدير مسند

  باب لكل مؤمل ... غنم لَعَمْرُكَ مُرْقِدُ


(١) مجمع البحرين المقامة العشرون «البصرية» ص ١٢١.

(٢) مجمع البحرين المقامة العشرون «البصرية» ص ١٢٣ باهي المراحم حسن المراحم والمريد: العاني المتجبر والقامر: الذي يلعب بالقمار. والدفر: النتن. والمكر: من الكرير من وسم نفسه بعلامة الحرب. والنغيل: الفاسد النسب. وهو صوت المخنوق والمعلم من وسم نفسه بعلامة الحرب. والنغل: الفاسد النَّسب.