البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 109 - الجزء 2

بلاغة المجاز المرسل

  إن المجاز المرسل من الوسائل التي تساعد على بلاغة التعبير وعلى جماله، وحُسن وقعه في نفوس المتذوقين، ذلك أن المعنى يُنقل من مدلول اللفظة الأصليلٌ أو الوصفي إلى مدلول جديد، هو أكثر اتساعاً، وأبعد أُفُقُاً، وأدعى إلى التأمل.

  فيه تخلّص من قيد العبارة وضيقها، وشعورٌ بحرية الشاعر أو الأديب لأن يصب المعاني في القوالب التي يتصورها خياله، والأشكال التي يستسيغها ذوقه. ومعلوم أن هذا العمل مرتبط بما عند الأديب من تفنن وابتكار، وقدرة على الربط بين مختلف المعاني والصور، وهو من قبيل الإغناء للألفاظ، إذ يمنحها قدرة على تجاوز معانيها الأصلية إلى معانٍ أخرى تُستوحى من سياق الكلام⁣(⁣١)

  زد على هذا أن معظم علاقات المجاز المرسل سبيل إلى المبالغة وقوة الأثر للكلام .... خذ على ذلك مثلاً حين تقول: فلانٌ فمٌ .... تريد أنه يلتهم كل شيء من شدة شراهته، حتى لكانَّ يده، ورجله، وعينه وأنفه، وسائر أجزاء جسده غدت فما يلتقط الطعام ... كذلك حين تصف إنساناً بأنه عين


(١) انظر المفيد في البلاغة ص ١٦٦.