أقسام المجاز
١ - العلاقة السَّببيّة
  لو قال قائل: لفلانٍ علىَّ يدٌ لن أنساها ما حبيتُ ... فإنّا نفهم من هذا القول: أن فلاناً من الناس صنع معروفاً مع القائل، وهذا المعروفُ كان ذا أثر عظيم في نفسه ... لذلك فإنه اعترافاً بُحسن صنيعه، وجميل عمله، سيبقى ذاكراً فضله مدى حياته.
  ونتساءل: كيف فهمنا هذا المعنى، ومن أين استنتجنا هذه النتائج مع أن القائل لم يذكر سوى أنّ لفلانٍ عليه يداً؟
  ونجيب: أن كلمة (يد) هي التي فتحت لنا مصاريع الفهم، وأشرعت أبواب الاستنتاج، ودفعتنا إلى كل ما ذكرنا ... لأن (اليد) هي الوسيلة، وهي الأصل، والسبب في كل عمل ... خيراً كان أم شراً فاليدُ الخيَّرة تكتب الخير، وتقدَّم الفضل، وتعين على المشقات، وترفع الضيم عمَّن وقع عليه الضيم ... وكذلك تفعل اليدُ الشريرة ... هي أداة الأذى ... تكتب في الشر، وترفع السلاح، وتجرحُ، وتقتلُ، وتسرقُ، وتأتي بالموبقات والآثام ... و ...
  لقد أوحت إلينا كلمة (اليد) بهذه المعاني الدّالة على الخير، دون أن يتطرّق إلى خيالنا شيءٌ من دلالة اليد الحقيقية ... ولو كان ذلك لوجب أن نتصور أن يَدَ فلان فوق رأس القائل، ثابتة لا تتزحزح، باقية لا تريم ...
  وهذا ما يرفضه العقل، ويأباه التصوّر، ومن هنا جاز لنا القول: إن القرينة الدالّة على أن كلمة (اليد) مجازيّة فَرَضَها العقل السليم ...