البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثاني الإنشاء

صفحة 108 - الجزء 1

  وتخرج حروف النداء عن معناها الأصلي إلى معانٍ أخرى غير النداء، تفهم من سياق الكلام بمعونة قرائن الأحوال.

من هذه المعاني:

(١) التحسُّر

  وفيه يمتزج النداء، بمعنى الحسرة والألم. من ذلك قوله تعالى على لسان الكافر الذي وجد صحيفته سوداء من الذنوب والكفر بالله، وأيقن بالجزاء الرهيب، والنار المحرقة {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ٤٠}⁣[النبأ].

(٢) الندبة والاستغاثة

  وفي الندبة يغلب استخدام الأداة «وا» مثل: «وا مُعتصماه». ومثله تدبة المعري حيث رأى المقاييس في الحياة معكوسة فقال:

  فوا عجباً كم يدعي الفضل ناقص ... ووا أسفاً كم يُظهرُ النقص فاضِلُ⁣(⁣١)

  أما الاستغاثة فهي أقل وقعاً من الندبة من حيث المعنى. والأداة «يا» مع اللام المفتوحة هي الوسيلة لذلك: يا للرجال ويا للمروءات!

(٣) الزّجر

  وهو قريب من التأنيب والتوبيخ. ويمكن أن يزجر المرء نفسه على غوايتها كما يزجر سواه. نحو: يا فؤادي ألم يَرْدَعْكَ الشَّيْب وينبهك داعي الحمام؟


(١) سقط الزند، ص ١٩٣.