البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 100 - الجزء 2

  الحقيقة أنك سبحت في قطعة محدودة وصغيرة جداً من البحر ...

  ومع هذا، فلك أن تقول: سبحت في البحر مستخدماً طواعية اللغة العربية التي تتيح لك إطلاق الكل، وإرادة الجزء ... على سبيل المجاز المرسل ذي العلاقة الكلية.

  ومثل ذلك قوله تعالى على لسان نوح #: قَالَ: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ٥ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ٦ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ٧}⁣[نوح].

  ونتساءل: كيف يجعل هؤلاء القوم أصابعهم في آذانهم؟ بل هل تتَّسع أُذُن الإنسان لإصبعه كلها؟ أو أن الأذن لا تتحمل أكثر من دخول رأس الإصبع فيها؟

  ولكن، رغبة بالمبالغة، ذكر نوح # الإصبع، وهو يريد جزءاً منها ... وبعبارة أخرى: أطلق الكلَّ وأراد الجزء، على سبيل المجاز المرسل ذي العلاقة الكلية.

  ومن هذا الضرب قول القائل أكلتُ قمح بلادي، وشربت ماءَها، وتنشقت هواءَها ...

  ***

٤ - العلاقة الجزئية

  في هذا اللون تذكر الجزءَ وأنت تريد الكل ... عكس اللون السابق.