المبحث الثاني الإنشاء
  زيد وصل)؟ أكثر إلحاحاً وأشد استفهاماً من (هل وصل زيد؟)، لأن بعض النحويين يعربون «زيد» في الجملة الأولى «فاعلا» لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، ويقدّرون الجملة على الصورة التالية: هل وصل زيد وصل؟
من معاني الاستفهام
  لئن عرّف البلاغيون الاستفهام كما ذكرنا بأنه «طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل» إن تعريفهم يصح في صيغ استفهامية، لكنه لا يسري على كل استفهام في اللغة العربية.
  فإذا سأل سائل: ما عنوان محاضرة أستاذنا اليوم؟ فإنه يطلب العلم بشيء لم يكن معلوماً لديه من قبل.
  لكنه إذا سأل: ترى هل يرجع الدهر أحبابنا الذين ابتعدوا؟ فإنه لا يطلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل، وإنما يتمنى أن يعود الأحباب ويرجعوا.
  كذلك لو قال أحد السائلين وهو يشير إلى موكب رائع يمر أمامه: من هذا الذي يعظمه الناس؟ فإنه لا يطلب العلم بشيء مجهول لديه قبلاً فحسب، وإنما يُشْرِب سؤاله روح التعظيم والتقدير.
  كل ما نريد قوله هو: أن الاستفهام قد يحمل إلى جانب معناه الأصلي معاني أخرى، وقد تكون هذه المعاني أكبر وأهمّ من المعنى الأصلي.
  أما إدراك المقصود من الاستفهام فليس له حد قاطع، وليس يدخل في تقسيمات وتفريعات، وإنما يستطيع ذو الذوق السليم، والحس المرهف معرفة الغاية منه والهدف.
  وتسهيلاً لمعرفة هذه المعاني الجديدة عدد البلاغيون ألواناً منها،