البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الرابع المسند

صفحة 145 - الجزء 1

  فلو قال قائل:

  ووالله ما فارقتكم عن ملالة ... وجهدي لكم أني أقول وأحلف⁣(⁣١)

  فإنه دل على أنه ما فارق أحبابه مَلَلاً، وإثباتاً على ما ادعاه يقول هذا ويكرره ثم يحلف صادقاً.

  الأفعال: «فارقتكم»، «وأقول» و «أحلف» دلّت على زمن، أو زمن حاضر. وفي الفعل بصورة عامة إشارة إلى حدوث لعمل كالمفارقة والقول، والحلف، وفيه كذلك معنى التجدد. لأن الفعل لا يتم إلا في نطاق الزمن. والزمن مؤلف من لحيظات وثوانٍ ودقائق وساعات وأيام وشهور وسنين. وفي هذا الزمن يحدث الفعل، ابتداء وانتهاء.

  اقرأ قول بهاء الدين زهير تجد الزمن المتحرك المتجدد، وتحسّ بالحدوث وبالفعل والاضطراب والحركة الدائبة:

  أأحبابنا! ماذا الرحيل الذي دنا؟ ... لقد كنتُ منه دائماً أتخوف

  هَبوا لي قلباً إن رحلتم أطاعني ... فإني بقلبي ذلك اليوم أعرف

  ويا ليت عيني تعرف النوم بعدكم ... عساها بطيف منكُم تتألف

  قفوا زودوني إنْ مَنَتُم بنظرة ... تعلل قلباً كاد بالبين يتلف

  تعالوا بنا نَسْرِق من العمر ساعة ... فنجني ثمار الوصل فيها ونقطف⁣(⁣٢)

اسمية المسند

  إذا كان الفعل يدل على حدوث، وزمن فإن الاسم يدل على ثبوت واستقرار، ويخلو من الزمن.


(١) ديوان البهاء زهير ص ١٦٥ ط. دار المعارف.

(٢) المصدر السابق ص ١٦٧.