الطباق الخفي

  ومن الطباق نوع يسمى «الطباق الخفي» أو «الملحق بالطباق»، وهو الجمع بين معنيين يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر في نوع من أنواع التعلق، كقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}⁣[الفتح: ٢٩]. فإن (الرحمة ليست طباقاً للشدة، ولكنها ناجمة عن «اللين» وهو عكس الشدة. ومثله كذلك قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}⁣[القصص: ٧٣] فَإِنَّ «ابْتِغَاء الفضل» وإن لم يكن مقابلاً للسكون، لكنه يستلزم الحركة المضادة للسكون، ومثله كذلك قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}⁣[نوح: ٢٥] فالإغراق ليس مضاداً لدخول النار، ولكن دخول النار يستلزم الإحراق، والإحراق يضاد الإغراق، والإغراق من صفات الماء، فكأنّه جمع بين الماء والنار. وقد قال ابن منقذ «وهذه أخفى مطابقة في القرآن»⁣^(⁣١) ويقول ابن المعتز: من أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}⁣[البقرة: ١٧٩] لأن معنى القصاص: القتل فصار القتل سبباً للحياة⁣^(⁣٢).

الطباق الوهمي

  ومن الطباق لون يُذكر في سياق بحثه، لكنه ليس منه، وسبب ذكره في بحث الطباق أن فيه لفظين، ظاهرهما التضاد، وحقيقتهما ليس كذلك..

  ومثل ذلك قول دعبل الخزاعي⁣^(⁣٣):

  لا تعجبي يا سلم من رجلٍ ... ضحك المشيب برأسه فيكي

  فلقد يتوهم المتسرع العجلان أن بين «ضحك المشيب وبكى» طباقاً،

(١) أنوار الربيع ٤٢/ ٢.

(٢) أنوار الربيع ٤٢/ ٢.

(٣) شاعر متعصب لليمنية والطالبيين، شهر بهجائه المقذع توفي سنة ٢٤٦ هـ.