المبالغة
  بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ٤٠}[النور].
  وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}[النور: ٣٥].
  ومن الأحاديث النبوية قوله ﷺ «ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه»(١).
  أو قوله ﷺ «نية المؤمن خير من عمله»(٢). أو قوله ﷺ «من يُحرم الرفق يُحرم الخير كله»(٣).
متى تعاب المبالغة؟
  ويبدو لنا أن كلا الفريقين على حق، فالفريق الأول الذي يرى في المبالغة أساساً في النظم والتعبير الرفيع مُحِق ومصيب، كذلك الفريق الثاني الذي يرى المبالغة عيباً وعجزاً وبعداً عن الصدق والكمال محق ومصيب أيضاً.
  فالمبالغة حين تتجاوز الحد المقبول عادة وعقلاً وتصبح إغراقاً أو غُلُوا تكون مرفوضة عند كلا الفريقين، ويعزز صحة هذا الحكم لو أوردنا قول ابن هانئ الأندلسي في ممدوحه الخليفة الفاطمي:
  ما شئت لا ما شاءت الاقدار ... فاحكم، فأنت الواحد القهار
  لقد جعل ابن هانئ ممدوحه فوق مرتبة الخالق ﷻ. فمشيئته
(١) رواه أحمد والحاكم. ٢٦٧/ ١.
(٢) انظر رسالة المسترشدين للحارث المحاسبي ص ١٤٦ تحقيق وتخريج وتعليق عبد الفتاح أبو غدة طـ ٢ مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب - بيروت ١٩٧١.
(٣) رواه مسلم في الحديث ٧٨ من كتاب البر.