المبحث الخامس أحوال متعلقات الفعل
  والتناقض كان في قوله «ولا أحداً» إذ كيف يثبت رؤية غير زيد في أول الكلام، وينفيه في آخره؟
  ولو قال قائل: ما زيداً أكرمت بل أهنت قلنا: هذا التعبير غير صحيح لأن أول الكلام «ما زيداً أكرمت» دلّ بشيء من التأكيد على أن زيداً لم يكن له من إكرام المتكلم شيء، وإنما هناك شخص آخر غير زيد كان له هذا الإكرام. إذاً محور الكلام كله في هذا التعبير يدور حول ذات «زيد» إيجاباً أو سلباً. فإذا أريد تعيين المكرم قيل: ما زيداً أكرمت بل بكراً. أما قول القائل: ما زيداً أكرمت بل، أهنت فخطأ، لأن الحديث عن تعيين الأشخاص لا عن الأفعال.
  أما إذا أريد نقض الأفعال فيجب أن تكون العبارة: «ما أكرمت زيداً بل أهنت» بتقديم الفعل.
٢ - إرادة التخصيص
  والتخصيص ملازم للتقديم أبداً.
  نقول متوجهين إلى الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}[الفاتحة]: بمعنى: نخصك يا ربنا بالعبادة ونخصك بالاستعانة لا نعبد سواك، ولا نستعين بغيرك.
  ولو قلنا: نعبدك ونستعينك. دلّت العبارة على أن العبادة لك، دون أن يمنع مانع من عبادة سواك، والاستعانة بغيرك.
  لو قلت لأحد الأصدقاء: أحبك فإنك تعني أن له في قلبك مكاناً من الحب. ويجوز لك أن تحب سواه من الناس أكثر من حبه أو أقل.
  أما إذا قلت له: إياك أحب. نفيت حب سواه، وخصصته بالحب كله.