البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

علم المعاني

صفحة 49 - الجزء 1

علم المعاني

  لَئِن قسم العلماء المتأخرون البلاغة إلى ثلاثة أقسام: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع؛ إنا لسوف نبقي على هذا التقسيم في المقام الأول، غير ناسين ما يوجبه وصل هذا العلم بسواه حين يجب الوصل.

  يقولون: إن علم المعاني يعلّمنا كيف تركب الجملة العربية لنصيب بها الغرض المعنوي الذي نريد على اختلاف الظروف والأحوال.

  وعلم البيان يعلّمنا كيف نصوغ الصورة الفنية، وننوع الأسلوب، لتظهر الدلالة المقصودة المرادة بوضوح.

  وعلم البديع يعلّمنا كيف نوشي الصورة في معناها ومبناها، ونزخرفها الزخرفة الحية الملائمة ليزيد المعنى بهاء والمبنى رواء.

  ***

  ويبدو أن أول من سمّى علم المعاني بهذه التسمية شيخ البلاغيين وسيد أرباب الذوق والإبداع عبد القاهر الجرجاني في كتابه: «دلائل الإعجاز» ولقد كان يقصد بكلمة «المعاني»: معاني النحو أولاً وأخيراً.

  وقبل أن نأخذ عبارات الجرجاني المتصلة بهذه التسمية نحب أن نوضح مراده، ليسهل فهم كلامه البديع.

  نتعلم في النحو مثلاً مواطن تقديم المبتدأ، ومواطن تأخيره، ومواطن حذفه، أو ذكره ومتى يكون، معرفة، ومتى يصح أن يكون نكرة. فإذا ما قرنا معرفتنا هذه القواعد بالغاية الفنية التي دعت إلى التقديم، أو