المبحث الرابع المسند
  لو قلت: «الغرفة واسعة» فإنك تقصد أن صفة هذه الغرفة هي «السَعَة»، وهذه الصفة ثابتة لا تتغير لا في الصبح ولا في المساء، لا في الصيف ولا في الشتاء.
  ولقد عبّرنا عن هذا الثبوت والاستقرار بالاسم.
  اقرأ أبيات بدوي الجبل تشعر بروعة الفنّ، وقيمة المسند الاسمي، حين يقع في مكانه الصحيح:
  هواجس أنتِ دنياها ومَعدِنُها ... فكيف تبدع إلا النور والطربا
  المترفات وأحلاها وأملَحُها ... طيف مع الفجر من أهدابه انسربا
  بيني وبينكِ أنسابٌ مُوَثَقَةٌ ... هذا اللهيب بقلبي خَيرُها سَبَبا
  هواك عندي مقيم في مواطنه ... فإن تحوّل عن نعمائها اغتربا
  أغليتُ نعمى الهوى عندي ومحنته ... فحبُّ ما مَرَّ منه حبّ ما عَذبا
  مدامعي فيك لو أكرمتِ جوهرها ... أكرمت فيها الهوى والشعر والعربا
  أجل بابك عن طول الوقوف به ... فقر الكريم تجلّى صمتُه طَلَبَا(١)
تنكير المسند
  يكون المسند نكرة لأغراض عدة، منها:
  ١ - عدم إرادة تعيينه أو حصره. نحو: زيد كاتب. فأنت تريد بكلمة «كاتب» أن تصفه بصفة الكتابة، ليس إلا، دون زيادة في المعنى أو نقصان.
  ٢ - التفخيم والتعظيم نحو: إن شوقياً شاعر. فالوصف لشوقي بالشاعرية قد تحمل في طواياها تفخيماً أو تعظيماً.
  ٣ - التقليل والتحقير نحو نصيبي من ميراث أبي شيء. فالوصف
(١) ديوان بدوي الجبل ص ٣٩٥ وعنوان القصيدة: «هواجس».