البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

فن التشبيه

صفحة 40 - الجزء 2

وجه الشبه قريباً أو بعيداً

  حين يسمع المرء تشبيهاً، وينتقل ذهنه من المشبه إلى المشبه به من غير إعمال فكر، أو تدقيق نظر، فذلك هو التشبيه القريب المبتذل نحو: زيد أسد. وحد كالورد، وأخلاق كالنسيم.

  وحين يسمع تشبيها، ولا ينتقل ذهنه من المشبه إلى المشبه به إلا بعد إعمال فكر، أو تدقيق نظر، فذلك هو التشبيه البعيد الغريب. نحو (والشمس كالمرآة في كف الأشَلّ). إذ وجه الشبه في هذا التشبيه هو الهيئة الحاصلة من الاستدارة مع الإشراق، والحركة السريعة المتصلة، مع تموج الإشراق واضطرابه بسبب تلك الحركة حتى يُرى الشعاع كأنّه يَهمّ بأن يبسط حتى يفيض من جوانب الدائرة، ثم يبدو له فيرجع من الانبساط إلى الانقباض. فالشمس إذا أحدَّ الإنسانُ النظر إليها ليتبَّين جرمها وجدها مؤدية إلى هذه الهيئة، وكذلك المرأة إذا كانت في يد شلّاء فالهيئة التي يتركب منها وجه الشبه هنا لا تقوم في نفس الرائي للمرآة الدائمة الاضطراب إلا بعد تأمل وطول نظر وتمهل.

  ***