البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 101 - الجزء 2

  تقول مثلاً: إنّ العدوَّ بثَّ عيونه في كل مكان.

  أصحيح أن عند العدو عيوناً يستطيع أن ينثرها هنا وهناك في كل مكان؟ وهل تستطيع العين وحدها أن تنتقل من بلاد العدو إلى بلادٍ أخرى، وتمشي في الشوارع وتفعل ما يفعله الناس؟

  الجواب: نعم. فالعين مقصودة هنا ليست عضواً صغيراً في جسم الإنسان، وإنما هي الإنسان كاملاً ... بكل لحمه ودمه وأعصابه ومشاعره وتصرفاته. وعيون العدو هي في الحقيقة جواسيسه .... وهم أشخاص طبيعيون كسائر الناس لهم عيون، وآذان، وأيد، وأرجل، وظهور، وبطون، و.

  لكن العين جزءٌ من الجاسوس، يستعين بها ليرى ما يحدث في البلاد الأخرى، ثم ينقل ما رأى إلى بلاده ...

  ولهذا السبب أمكننا إطلاق الجزء ونحن نريد الكل، على سبيل المجاز المرسل، ذي العلاقة الجزئية.

  مثال آخر: ندعو لإنسان رَزَقَه الله مولودا فنقول: أَقرَّ الله به عينك. هل نريد للرجل الذي نحبه، وندعو الله له أن تَقَرَّ عينه وحدها بولده؟.

  أو نريد أن يقرَّ جسمه وعقله وقلبه جميعاً بولده؟.

  بالطبع نحن نريد الثانية ... ولكن لما كانت العين جزءاً أساسياً من الإنسان ... به ينظر إلى الحياة، فيفرح أو يحزن، يحب أو يكره، يرضى أو يغضب ... ثابت مَنَابَ الكلّ، وحلَّت محلَّه ... فرضى العين رِضَى الجسم كله، وقرارها قرار الإنسان كاملاً ...

  بكلمة (العين) مجازٌ مرسل، علاقته الجزئية.

  ***