البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 127 - الجزء 2

  الملامسة بالمعانقة، بجامع الاتصال في كلَّ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به، وهو (المعانقة) للمشبه وهو (الملامسة). ثم اشتق من (المعانقة) بمعنى الملامسة: الفعل (عانقت) بمعنى لامست. والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الأصلي لفظيّة، وهي (شُرفَاتُه).

  مثال ثالث من ابن الرومي:

  بَلَد صَحِبَتُ بِهِ الشَّبِيبَةَ والصَّبا ... وَلَبِسْتُ ثوبَ اللَّهْوِ وَهُوَ جَدِيدُ

  الشاهد في هذا البيت لفظا (ولبستُ).

  في إجراء الاستعارة التصريحية الموجودة في البيت نقول: شبَّه الشاعر التمتع باللهو باللّبس للثوب الجديد، بجامع السرور في كلّ، ثم استعار اللفظ الدالّ على المشبه به وهو (اللبس) للمشبه وهو (التمتع باللهو)، ثم اشتق من (اللبس) الفعل: لبِس بمعنى تَمَتَّع والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الأصلي لفظية وهي (ثوب اللهو).

  ***

  وإذا وارنَّا بين إجراء الاستعارات الثلاث الأخيرة وإجراء الاستعارات الثلاث الأولى، رأينا أن الإجراءَ هنا لا ينتهي عند استعارة المشبه به للمشبه، كما انتهى في الاستعارات الثلاث الأولى، بل يزيد عملاً آخر، وهو اشتقاق كلمة من المشبه به، وأن ألفاظ الاستعارة هنا مشتقة لا جامدة. وهذا النوع يسمى بالاستعارة التبعية، لأن جريانها في المشتق كان تابعاً لجريانها في المصدر⁣(⁣١)

  ***


(١) المصدر السابق من ١٨٤.