أقسام المجاز
  وأناملها بالعنَّاب، وأسنانها بالبرد ... وحذف المشبهات، وصرح بالمشبه بها، على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية.
  وبما أنه لم يذكر شيئاً يتصل بالمشبَّه أو بالمشبَّه به فالاستعارة مطلقة.
  مثال الثاني: يهجُمُ علينا الدهرُ بجيش من أيامه ولياليه.
  شُبّه الدهرُ بإنسان، يجامع الهجوم والكرّ في كل منهما، ثم حُذف المشبه به، ورمز إليه بشيءٍ من لوازمه وهو (يهجم) على سبيل الاستعارة المكنية الأصلية.
  وفي ذكر (الجيش) ترشيح، لأنه من ملائمات المشبه به، وهو الإنسان. وفي ذكر (أيامه ولياليه) تجريد، لأنه من ملائمات المشبه، وهو الدهر وبما أنه اجتمع الترشيح والتجريد في استعارة واحدة، فهي مطلقة.
  ***
  وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترشيح أبلغُ من التجريد والإطلاق، لاشتماله على تحقيق المبالغة في الاستعارة، ولهذا كان مبنى الترشيح على أساسن تناسي التشبيه، والتصميم على إنكاره إلى درجة استعارة الصفة المحسوسة للمعنويّ وجعلها كأنها ثابتة لذلك المعنويّ حقيقة، وكأن الاستعارة لم توجد أصلاً وذلك كقول أبي تمام:
  ويصعدُ حتى يظنَّ الجهولُ ... بأن له حاجة في السما
  فقد استعار لفظ العلوّ المحسوس لعلُوَّ المنزلة، ووضع الكلام وضع من يذكر علوّاً مكانيَّا