المبالغة
  إذن لعدنا إلى عدم الجور عليه، وإلى الابتسام مما قال، وإلى ايجاد بعض الأعذار لمبالغاته الكبيرة.
بين المبالغة والخيال
  هذه الفكرة المعتمدة على أنَّ الخيال أساس العملية الشعرية قال بها كثير من الفلاسفة والنقاد وعلماء البلاغة.
  فحازم القرطاجني يُفرق بين حد الشعر وحد الخطابة، فالشعر - في نظره قائم على التخييل، والخطابة قائمة على الإقناع، واستشهد على صحة رايه بأقوال من فلاسفة المسلمين كالفارابي وابن سينا(١).
بين المبالغة وفروع البيان
  ثم ما بالنا ننسى أنَّ التشبيه والمجاز والاستعارة والكناية هي من جوهر التعبير العربي، وهي أساس في النظم، ولا يمكن بحال من الأحوال الاستغناء عنها، وهي جميعاً تحمل في صميمها روح المبالغة وآثار الزيادة في الوصف؟
  بل إن المبالغة تكاد تكون العمود الفقري في كل تعبير، فصيحاً كان أو غير فصيح.
  والشعر العربي منذ أن قال أول شاعر في الماضي بيتا إلى يومنا هذا، وحتى تقوم الساعة يعتمد على المبالغة.
  والقرآن الكريم، وأحاديث الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه، وخطب الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأقوال السلف الصالح فيها كثير من المبالغات.
  فمن آيات الكتاب الكريم قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ
(١) منهاج البلغاء وسراج الأدباء ص ٧٤ - ٨٤.