البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الطباق والمقابلة

صفحة 43 - الجزء 3

الطباق في البلاغة

  أما في كتب البلاغة فالأمر مخالف، ذلك أنَّ العلماء عرفوا الطباق أو ما يقار به من كلمات بأنه الجمع بين معنيين متضادين، أو هو الجمع بين الشيء وضده. مثل الجمع بين البياض والسواد، والليل والنهار، والحر والبرد⁣(⁣١). ومع إدراك هؤلاء العلماء الفرق بين التفسيرين اللغوي والاصطلاحي، فإنهم يعترفون بأنه ليس بين المعنيين مناسبة.

الطباق الحقيقي والمجازي

  يقسم كثير من المؤلفين الطباق إلى قسمين:

  الأول: يأتي بألفاظ الحقيقة، وهو المسمى عند أكثرهم بـ «الطباق».

  الثاني: يأتي بألفاظ المجاز، ويميل المؤلفون إلى تسميته بـ «لتكافؤ» تمييزاً له عن النوع الأول.

  فالطباق الحقيقي: ما كان بألفاظ الحقيقة، سواء كان من اسمين، أو فعلين، أو حرفين، كقوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ}⁣[الكهف: ١٨].

  وقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ١٩ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ٢٠ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ٢١}⁣[فاطر]. وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ٤٤}⁣[النجم]. وقوله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}⁣[آل عمران: ٢٦]. وقوله : «اللهم أعط منفقا خلفاً، وأعطِ مُمْسِكاً تلفا»⁣(⁣٢). وقول أبي صخر الهذلي⁣(⁣٣):

  اما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا، والذي امره الأمر


(١) انظر خزانة الأدب ص ٦٩ والصناعتين ص ٣٩٩ وعقود الجمان ٢/ ٧٩ والطراز ٣٧٧/ ٢ وأنوار الربيع ٣١/ ٢.

(٢) صحيح البخاري، الباب السابع والعشرون في الزكاة.

(٣) شاعر أموي الهوى، الأغاني ٢٦٨/ ٢٣، الأمالي للقالي ١/ ١٤٨.