السجع: بين التحريم والتحليل
  الجاهلية كشيق وسطيح ومسيلمة وغيرهم يستخدمونه، ويُخبرون به عن الأمور الغيبية، والحوادث الكونية، والأوهام الظَّنَّية، فيكذبون ويُوقعون الناس في الأحابيل والمهالك.
  وروي عن الباقلاني رأيان متباينان. ففي كتابه «إعجاز القرآن» عقد فصلاً بعنوان «فصل في نفي السجع من القرآن» ثم أورد السيوطي أنه وجد في كتابه المسمى «الانتصار» الخلاف في جواز تسمية بعض الفواصل القرآنية سجعاً، وأنه رجح فيه جواز تسميتها بذلك(١).
  عن السجع هو محمود، وقال ابن سنان الخفاجي، وهو يتحدث. لكن لا على الدوام، ولذلك لم تجئ فواصل القرآن كلها عليه(٢).
  وقال ابن النفيس يكفي في حسنه ورود القرآن الكريم به، ولا يقدح في ذلك حلو بعض الآيات عنه، لأنه قد يقتضي المقام الانتقال عن الحسن إلى الأحسن(٣).
  واستدل بعض آخر على جوازه في القرآن بعدد من الشواهد والأدلة، منها: أنَّ الكُلَّ متَّفقون على أن موسى أفضل من هرون @ ولمكان السجع في سورة طه تقدم ذكر هرون على موسى(٤) رعاية للفاصلة أو «السجع» أو للنغمة الإيقاعية للآيات.
  ومثل ذلك يُقال عن تقديم المفعول «خيفة» على الفاعل في قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ٦٧}[طه](٥).
  كذلك الأمر في حذف المفعول في سورة «الضحى» حيث قال تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ٣}[الضحى] والأصل «وما قلاك». فحذفت الكاف
(١) عقود الجمان ٢/ ١٧٩، وتهذيب الإيضاح ١/ ٢٨٣.
(٢) عقود الجمان ٢/ ١٧٨.
(٣) عقود الجمان ٢/ ١٧٨.
(٤) وهي {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ٧٠}[طه].
(٥) انظر: البيان في إعراب القرآن للأنباري ٢/ ١٤٧.