زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة الكهف]

صفحة 139 - الجزء 1

  اليهود حيث قالوا: عزير ابن الله، كلهم قالوا ذلك من غير حجة ولا برهان بل إنما قالوا زوراً وبهتاناً، وزورهم هذا وكذبهم جريمة عظيمة وبهتان كبير لما فيه من الحط لله العلي الكبير عن مقام الإلهية ومنزلة الربوبية إلى منزلة المربوبين المخلوقين.

  إذ أن التوالد إنما هو من شأن الأجسام المخلوقة، وصفاتها المحدثة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، لذلك جاء الإنذار الخاص لهم بالعذاب العظيم.

  - {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ ...}: سورة الكهف من السور التي نزلت في مكة، وقد لبث النبي ÷ في مكة عشر سنوات تقريباً يدعو قريشاً إلى الله فكذبوه وتمردوا عن دعوته، وكان ÷ حريصاً على أن يدخلوا في الإسلام، فبالغ في دعوتهم، وأجهد نفسه في ملاحقتهم؛ شفقة عليهم من سخط الله وعذابه، ورغبة منه ÷ في أن يدركوا ثواب الله ورحمته في الدنيا والآخرة، فلحقه في هذا السبيل من الحزن والأسف والأسى ومن النَّصَب والعناء ما لحقه، حتى دعاه ربه إلى التخفيف عن نفسه، وترك ما هو فيه من النَّصَب وعظيم الأسى على المشركين حين أصروا على الشرك والتكذيب.

  - فالله تعالى إنما يريد منه ÷ أن يبلغهم رسالته إليهم وحججه عليهم، فمن آمن فلنفسه، ومن كفر فعليها، وليس هو ÷ مكلفاً من الله بأن يدخلهم في الإسلام.

  · {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ٧ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ٨}:

  يبين الله تعالى هنا لنبيه ÷ وللمؤمنين ولسائر المكلفين أنه تعالى قضى بعلمه وحكمته ألا يكره المكلفين على الدخول في الإسلام، وألا يضطرهم إلى الدخول فيه اضطراراً، فرغبة الرسول ÷ في أن ينزل الله تعالى آية تضطر قريشاً إلى الإسلام - رغبة متنافية مع ما قضت به حكمة التكليف والابتلاء.