زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مثال توضيحي للحكمة

صفحة 200 - الجزء 1

  ولا شك أن ذلك على حسب مقتضى الحكمة، يستدعي أن الموت ليس هو الغاية والنهاية للحياة، بل إن ألسنة الحكمة تنادي بأن هناك وراء الموت حياة مكملة ومتممة لحكمة الحياة الدنيا، تستوفي فيها الحكمة حقوقها، وتبلغ غايتها ونهايتها.

مثال توضيحي للحكمة

  لو أن ملكاً من ملوك الدنيا بنى مدينة كأروع ما يمكن من قدرة البشر، وزودها بما تحتاج إليه من المياه والمرافق و ... إلخ، فلما أتم بناءها خربها من غير عيب ولا داع يستدعي تخريبها، ثم بعد تخريبها بنى مدينة أخرى كالأولى في الحسن والروعة والجمال فيها كل ما تحتاجه من المياه والمرافق فلما أتم بناءها خربها، وهكذا يبني ثم يخرب ثم يبني ثم يخرب و ... إلخ.

  فإن العقلاء بلا شك يحكمون على هذا الملك بالحمق والجهل، ويحكمون على عمله بأنه عمل باطل، وسعي خاسر وجهد ضائع.

  وهكذا لو فرضنا أن الموت هو النهاية والغاية للحياة الدنيا، وأنه ليس وراء الموت حياة أخرى لكان ما نشاهده من الحياة، ثم الموت - عمل باطل، وصناعة ضائعة، تدل على أن صاحبها أحمق جاهل؛ تعالى الله عن ذلك وعما يقوله الجاهلون علواً كبيراً.

مثال آخر لتوضيح الحكمة في الخلق:

  قد دلت المخلوقات على أن خالقها عليم حكيم، فلو أن الموت هو الغاية والنهاية ليس وراءه حياة أخرى، ولا جزاء ولا حساب لأدى ذلك إلى:

  - أن يستوي الظالم والمظلوم، والعالم والجاهل، والمصلح والمفسد، والشاكر والكافر، والمتقي والفاجر، و ... إلخ - عند الخالق الحكيم، حيث توفاهم بالموت ولم ينصف المظلوم من الظالم، ولم يكافئ العالم ولم يميز الجاهل ولم يجز الشاكر، ولم يعاقب الكافر، ولم يُرَقِّ المتقي ولم يهن الفاجر و ... إلخ.

  وذلك مما يستنكره أهل العقول في الشاهد، فإنهم يستنكرون على مالك