[فوائد من سورة القلم]
  التي خاتمتها التكبر على الله، والتكذيب بآياته، والكفر برسله À.
  ٧ - كما يؤخذ من هنا أنه يجوز ذكر العاصي بما فيه من الصفات الذميمة التي اكتسبها بيده، وأنه يجوز التشهير به، وذلك لأن تلك الآية نزلت في رجل بعينه بدليل قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ١٦}.
  ٨ - يمكن أن يقال: إن السبب الداعي للمكلف إلى كثرة الحلف هو أنه يجد في نفسه أنه لا قيمة لقوله عند الناس، ولا وزن لكلامه بينهم فيحلف عند كل حديث يلقيه إلى الناس ليقبلوه، وبهذا تعرف أن كثرة الحلف تنبئ عن ضعة الحالف وهوانه، وخفة وزنه عند الناس.
  ولا يخفى أن الرجل الوضيع الذي يعاني من الضعة والهوان بين الناس يحقد على ذوي الرفعة والشرف من الناس، فيحاول أن ينفذ حقده بما يمكنه فيكسر في أعراضهم ويحاول إلصاق المذام بهم، ويغري بعضهم ببعض، ويعتدي عليهم إن أمكنه العدوان، ويظاهر المعتدين، ولا يتنزه في فعل المآثم.
  ٩ - قد يؤخذ من هنا أن أهل تلك الصفات غالباً ما يكونون ذوي ألسنة حداد، ومنطق عذب المذاق، يصغي إليه سامعه لحلاوته وحسنه، وربما اغتر به واعتمد عليه وركن إليه، فلذلك حذر الله تعالى نبيه ÷ والمؤمنين من قبول حديث من كان يحمل مثل تلك الصفات؛ لأن حديثهم ونصائحهم وإن كانت حسنة وصحيحة في الظاهر يكمن وراءها شر وفساد.
  ومن هنا فإن الواجب على المؤمن اليوم أن يتحذر من قبول أخبار السلاطين وأتباعهم، ومن الإصغاء إلى ما يروجونه من الدعايات، وأن يتحذر من نصائحهم ومكائدهم وحيلهم، ويتمثل ذلك اليوم في الشخصيات المرموقة في المجتمعات، فإنهم يحملون مثل تلك الأوصاف التي ذكرها الله تعالى في الآية التي ذكرناها، ومن تأمل ذلك عرف صحة ما أقول.