[فوائد من سورة الحاقة]
  فيأخذها أهل الموقف بأيمانهم وبشمائلهم، وهذا الصنف من الملائكة مذكور في آي كثيرة.
  ٨ - وقسم منهم موكلون بالشفاعة وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ٢٨}[الأنبياء]، وفي قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ٣٨}[النبأ].
  فإن قيل: ما فائدة هذا التشكيل للقيام بملك الله وأمره في الآخرة، والله على كل شيء قدير، فليس بحاجة إلى الملائكة، ولا إلى غيرهم؟
  قلنا: الفائدة من ذلك:
  ١ - اللطف للمكلفين في الدنيا، وذلك من حيث أنهم إذا علموا أن في النار ملائكة غلاظاً شداداً، وأن كل نفس يوم الورود إلى المحشر معها سائق من الملائكة يسوقها، وشهيد يشهد عليها، وإلى آخر ما ذكر مما تصنعه الملائكة الموكلون بالعباد في يوم القيامة، إذا علم المكلف ذلك دعاه علمه إلى الخوف وملازمة التقوى.
  ٢ - في ذلك من الحكمة ما ذكره الله تعالى من الابتلاء لعباده كما في سورة المدثر.
  ٣ - ظهور صدق الوعد والوعيد، وصدق ما أخبرت به الرسل من أخبار يوم القيامة هنالك يعلم المكذبون بالرسل صدق ما أخبرتهم به الرسل علماً ضرورياً، ولعله يشهد لذلك قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ٥١}[غافر]، فبقيام الأشهاد بأداء شهادتهم يوم القيامة ينصر الله رسله، ولما يترتب على شهادة الأشهاد يوم القيامة من عظيم الحكمة أقسم الله تعالى بهم كما في سورة البروج: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ٣}[البروج]، على أحد التفاسير.
  ٤ - ظهور شيء من عظمة سلطان الله لأهل الموقف حيث تقوم الملائكة