زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة المزمل]

صفحة 250 - الجزء 1

  {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠}:

  أمر الله نبيه ÷ بأن يواصل الدعوة إلى الله تعالى وإلى دينه، وأن يصبر على ما يلحقه في سبيل ذلك من أذى المشركين، وأن يقابل أذاهم له واستهزاءهم به حين يبلغهم ويقرأ عليهم القرآن بالسكوت والابتعاد عنهم من غير رد أي فعل لا بلسانه، ولا بخلقه وحسن بشاشته، ولا بيده.

  - وفي ذلك دليل على أن الكلام القبيح الموجه إلى شخص كالتكذيب له والاستهزاء به، ورميه بالباطل واتهامه بما ليس فيه وتهديده والاستخفاف به، ونحو ذلك من الكلام البذيء - يؤثر في نفسية الشخص الموجه إليه ذلك تأثيراً مؤلماً، ويضايقه مضايقة شديدة من غير فرق بين متسع الصدر وضيقه، وهادئ الطبع وثائره، إلا أن متسع الصدر وهادئ الطبع يمكنه كظم الأثر النفسي بحيث لا يظهر عليه أي أثر من آثاره، وضيق الصدر وثائر الطبع لا يملك التحكم في نفسه فيظهر الأثر النفسي على لسانه وجوارحه وأخلاقه.

  وفي ذلك أيضاً دليل على أن طبائع البشر في هذا الباب موجودة في النبي ÷ وأنه يتأثر كما يتأثر غيره.

  · {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ١١ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ١٢}⁣[المزمل] في هذا ما يقوي عزيمة النبي ÷ على الصبر على أذى المشركين، من ناحيتين:

  ١ - إذا علم أن أذيتهم له لا تطول، بل لا يعاني من أذاهم إلا زماناً قليلاً فإنه يهون عليه ما يعاني من أذاهم، ويحمله على الصبر على ما يلقى منهم.

  ٢ - إذا علم أن الله تعالى سوف يجازيهم على ما صدر منهم إلى النبي ÷ من التكذيب والاستهزاء و ... إلخ فإنه سيهون عليه أذاهم.

  - خص أولي النعمة من المكذبين بالتهديد والوعيد؛ لأن الناس لهم تبع، يطيعونهم إذا أمروهم، ويقلدونهم في التكذيب والاستهزاء لذلك كان أولو النعمة أضل وأعتى وأحق بالأضعاف المضاعفة من العذاب؛ لأنهم ضلوا في