زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة البلد]

صفحة 262 - الجزء 1

  الدلالة على عظمة الله وقدرته وما جعل فيه من كبير نعمه على عباده، فأقسم الله تعالى هنا بمكة؛ لينبههم على النعمة العظيمة التي جعلها في مكة، وهي نعمة الأمن فيه لأهله ولمن دخل فيه من غير أهله، أما أهله فإنهم يأمنون فيه ويأمنون إذا خرجوا منه لا يتعرض لهم أحد من العرب بسوء، وبذلك الأمن العام استقرت تجارتهم وتوفر عندهم الطعام، وقد ذكر الله تعالى ذلك في سورة قريش، وأقسم الله تعالى هنا بقوله: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ٣} لينبه الغافلين على عظيم قدرة الله وعظيم حكمته في خلق الإنسان من أبويه، وتناسل الذراري وتكاثرها، مع ما في خلق الإنسان وتركيبه من الجمال وحسن القوام، وما أودع الله فيه من التشريف والكرامة على سائر الحيوانات.

  - وسط الله تعالى قوله: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ٢} بين القسمين؛ لينبه على بشاعة وفحش ما صنعته قريش بالنبي ÷ في هذا البلد الحرام، حيث أن الناس والوحوش والطير تأمن في الحرم، ولا يتعرض لها أحد بسوء، ولا يهيجها ولا ينفرها، ولا يفزعها، أما رسول الله ÷ فإن قريشاً استحلته في هذا البلد ولم تراع فيه الحرمة التي جعلها الله هناك.

  {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ٤}، يعاني الإنسان في حياته منذ خروجه إلى الأرض وإلى أن يموت الشدائد والمشاق، ولا تنفك عنه تلك الشدائد والمشاق طول حياته، فلا يكاد يتخلص من شدة أو مشقة إلا ودخل في أخرى، هذا معنى الآيات المذكورة في الجملة، وفي ذلك فوائد منها:

  ١ - أن في هذه الآيات تسلية للنبي ÷ عما لحقه من قريش من الأذى ومحاولة القتل له ÷ وإخافتهم له، فإن النبي ÷ إذا سمع هذا القسم الذي يؤكد الله تعالى فيه أن الكبد لكل إنسان ملازم له غير منفك عنه منذ خروجه من بطن أمه وإلى أن يموت، إذا عرف النبي ÷ ذلك هان عليه ما يكابد من قريش؛ لعلمه أن كل إنسان يعاني في حياته نحواً مما