[ألم نشرح لك صدرك ...]
  تدل هذه السورة على:
  - أن النبي ÷ كان في شدة شديدة من المشركين وأذاهم وطغيانهم حيث لم يزدادوا بدعوة النبي ÷ إلا عتواً ونفوراً، وكأن النبي ÷ استبطأ نزول النصر وفتح باب الفرج؛ فنزلت هذه السورة لتخفف عن النبي ÷ مما هو فيه من الشدائد الشديدة من المشركين، ولتسليه عما أصابه ويصيبه منهم.
  فذكره الله تعالى نعماً أسداها إليه وتفضل بها عليه، وأكد له أن ما هو فيه من العسر سيذهب ويعقبه اليسر.
  وأرشده إلى الاستمرار في عبادة الله وأداء فرائضه، وأن يتوجه إلى الله بالدعاء في حاجاته وجميع أموره.
  {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١} المعنى: أن الله تعالى شرح للنبي ÷ صدره أي وسعه، فلم يكبر عليه من التكاليف أي كبير، ولم يعظم عليه منها عظيم ولا حقير، فبلغ رسالات الله غير مكترث بجبابرة قريش، ولا مبالٍ بوعيدهم، ولا ملتفت إلى كثرتهم وجبروتهم، وما هم فيه من العدد والعدة، وهذه نعمة من الله عظيمة على نبيه المصطفى ÷.
  {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٢} وهذه نعمة ثانية تفضل الله بها على رسوله محمد ÷ والمعنى: أن الله تعالى مكَّنه من إنذار المشركين، وتبليغهم الرسالة، وإسماعهم الحجة حتى عقلوها وعلموها واستيقنوها، وأعانه على ذلك حتى عمهم برسالته، وحتى استوضحوا حجة الله عليهم، وكان هذا أثقل التكاليف على النبي ÷ وأشدها عليه لعلمه بجبروت المشركين وعظيم كبريائهم وأنفتهم وحميتهم.
  فلما عمهم النبي ÷ بتبليغ رسالات الله وحججه عليهم قال الله له: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}[الشورى: ٤٨]، أي: ما عليك يا محمد إلا أن تبلغهم آيات الله وحججه عليهم، وليس عليك أن يؤمنوا: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٥٤}[النور].