[المنافقون في سورة التوبة]
  ثم قال سبحانه: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ٦٦}[التوبة]، في ذلك:
  ١٣٥ - أن المنافقين قد كفروا باستهزائهم بالله ورسوله وآياته.
  ١٣٦ - وفيه الخبر من الله أن طائفة من هؤلاء المستهزئين سيتوبون بعد ذلك، وأن من عدا هذه الطائفة لا يتوبون عن نفاقهم وكفرهم.
  ١٣٧ - يريد المنافقون أن يغطوا ما أظهر الله من نفاقهم بالاعتذارات وبالحلف بالله، ولكن الله تعالى يزيد في فضائحهم وكشف أسرارهم كلما اعتذروا أو حلفوا، فلا يزيدهم الاعتذار والحلف إلا فضيحة وكشفاً لأسرارهم.
  ١٣٨ - وفيما هنا دليل على أن الإيمان باللسان لا ينفع إلا مع الالتزام بطاعة الله ورسوله ÷، أما إذا لم يصحبه التزام فلا ينفع، بل يكون عدم الالتزام دليلاً على النفاق.
  ثم قال سبحانه: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٦٧}[التوبة]، في ذلك:
  ١٣٩ - أن المنافقين والمنافقات صنف من الناس لهم طبائع مطبوعة فيهم، هي على الضد من طبائع المؤمنين والمؤمنات.
  ١٤٠ - وتلك الطبائع هي: حُبُّ المنكر، وكراهة الحق والمعروف، والبخل.
  ١٤١ - لذلك تراهم يأمرون بالمنكر، ويدعون الناس إليه، وينهون عن الحق والمعروف، ويصدون الناس عنه.
  ١٤٢ - وإذا كانت طبائعهم كذلك فلا يتأتى منهم الدخول في الإسلام والعمل بشرائعه.
  ١٤٣ - وما مثلهم في ذلك إلا كمثل الصرصور: يكره النور وينفر عنه، ويأنس إلى الظلام ويسكن إليه، ويطمئن إلى العفونات المتعفنة، ويتخذ له بين تضاعيفها مسكناً، يبيض هناك ويفرخ، ويمسي ويصبح.