[تسخير الجن لسليمان #]
  وقد يأتي الجنون بسبب آخر من الشياطين، وذلك عن طريق السحر، فالشياطين لهم معرفة بعلم السحر فيصاب المرء بالجنون بسبب السحر الذي لحقه من الشياطين.
  إلا أنه يحال بينهم وبين ما يريدون من سحر عباد الله بحائل من قدرة الله، وقد يرفع الله تعالى الحفظ عن بعض عباده لمصلحة وحكمة فتسحره الشياطين.
  ومن أعمال الشياطين في بني آدم تزيين المعاصي إليهم وتهييج شهواتهم وإلهابها، وذلك عن طريق الخواطر والوسوسة.
  وقد يقال: كيف يتوصل الشياطين إلى فعل ذلك في المكلفين؟
  فيمكن أن يقال: إن لكل مكلف شهوة من أصل خلقته، ومن شأن هذه الشهوة أن تتحرك عند حصول سبب تحركها فإذا رأى المكلف مثلاً امرأة ذات جمال تحركت الشهوة والرغبة إليها، فإذا رأى الشيطان حصول ذلك عند المكلف بادر إلى تقوية تلك الشهوة وزيادة التهابها وتسعيرها بواسطة مضاعفة تحريك القلب وزيادة سرعة حركته، فتتحرك الدورة الدموية في الجسم أكثر من حركتها فيضطرب الجسم وينفعل ويهيج.
  وبما أن الجن أرواح لطيفة فإنه يمكنها الدخول في تجويفات الجسم.
  وفي الحديث: «إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم».
  ومن الممكن تفسير هذا بما ذكرنا من أن الشيطان يتسبب في زيادة حركة القلب وزيادة حركة الدورة الدموية.
  - والسبب في أن الشيطان لا يستطيع أن يهيج شهوة المؤمن المتقي هو أن الشيطان لا يجد السبيل إلى تحريك شهوته وإلهابها؛ لأن المؤمن لا يفعل الأسباب المثيرة لها، والشيطان إنما يأتي الإنسان من قِبَل الأسباب المثيرة للشهوة، والمؤمن المتقي لا يتعرض لفعل الأسباب المثيرة لشهوته، ويكون حريصاً دائماً على الابتعاد عنها والتعرض لها.
  - بالإضافة إلى ما ذكرنا فإن المؤمن المتقي لا يزال يستعيذ بالله من الشيطان