[قصة أصحاب الكهف أيضا]
  ولكن ليست هذه الآية هي الوحيدة من بين آيات الله التي تبعث على التعجب والاستغراب، فآيات الله التي تبعث على التعجب وتتحير عند غرابتها العقول كثيرة لا حصر لها ولا عد.
  {وَالرَّقِيمِ} قيل: هو لوح على باب كهفهم منقوش عليه قصتهم.
  · {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ١٠}:
  كان أهل الكهف جماعة من الفتيان آمنوا بالله، وزادهم الله بصيرة في دينهم، وكان قومهم كافرين، وسلطانهم كافراً، وحين ظهر أمرهم خافوا أن يقتلوهم أو يفتنوهم ويردوهم إلى دين الكفر، تحت سياط العذاب، فهربوا للسلامة من ذلك، فلما أدركهم الليل آووا إلى كهف في جبل ليناموا فيه.
  وحين دخلوا الكهف ليناموا فيه لجأوا إلى الله بالدعاء؛ فسألوه أن يهب لهم رحمة من عنده يكون لهم فيها الأمن من عدوهم، والحفظ لهم من كل ما يسوؤهم، وأن يسلموا بها من الخزي والذلة والمهانة، ويسعدوا في ظلها بإيمانهم ودينهم، وسألوه تعالى أن يهيئ لهم في هروبهم ذلك ما يكون فيه فوزهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة.
  فاستجاب الله دعاءهم، وأظلهم في ظل رحمته، وهيأ لهم في كنف كرامته، وأسعد جدهم، ورفع ذكرهم في التوراة والإنجيل والقرآن، فرحمة الله عليهم وبركاته.
  وفي هذه القصة دليل على أن أولئك الفتية كانوا راسخين في إيمانهم بربهم، وأن عظمة الله وجلاله وهيبته قد ملأت صدورهم، وخالطت لحومهم ودماءهم فلم يبق لقومهم وبلادهم وأهلهم وأصحابهم ومنازلهم ومطامعهم ومشاربهم ونعيمهم أي مكان في صدورهم فخرجوا من كل ذلك إلى الله ربهم الذي امتلئوا به إيماناً وإجلالاً وتعظيماً ومهابة.