زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[قصة أصحاب الكهف أيضا]

صفحة 461 - الجزء 1

  · {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ١١ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ١٢}:

  استجاب الله دعاء الفتية فضرب على آذانهم في الكهف سنين عدداً أي أنامهم ثلاثمائة سنة وتسع سنوات، ثم بعد هذه السنين الكثيرة أيقضهم الله من رقدتهم ليحصل ما علمه الله من البشرى لهم في الدنيا، حيث استجاب لهم دعاءهم ونجاهم من عدوهم، وأنهم قد حلوا عند الله محل الكرامة والشرف الكبير حيث أشركهم في كرامات الأنبياء والأولياء، وأظهر في الناس كرامتهم عليه، وجعلهم آية للناس عجيبة.

  وكل ذلك مترتب على بعثهم من نومهم، وذلك أنهم انقسموا قسمين حين بعثهم الله من النوم، فقال قائل منهم: {كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}، ففريق قطع بأنهم لبثوا في نومهم يوماً أو بعض يوم، وفريق منهم تحير في كثرة نومهم وقلته، فقال: ربكم أعلم بما لبثتم.

  ثم بعد اختلافهم هذا ذهب أحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً بدراهم كانت معهم، وكانت هذه الدراهم هي التي كشفت لهم طول نومهم.

  والدليل على ذلك قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} فتنصيصه على الورق وتخصيصها بالإشارة المفيد للتمييز والتأكيد يدل على أن لها شأناً كبيراً في القصة، وهو ظهور ما اختلفوا فيه من مدة لبثهم في النوم الذي كان آية عجيبة دالة على عظيم رحمة الله بهم، واستجابته لدعائهم.

  · {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ١٣}:

  تقدم ذكر قصة أصحاب الكهف إجمالاً، ثم ذكر الله تعالى تفصيل القصة فقال: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ} ... إلخ، وتفيد هذه الآية أن الله تعالى وحده هو الذي يقص خبر أصحاب الكهف كما هو من غير تحريف ولا تغيير، فيدل على أن أهل الكتاب قد حرفوا وغيروا خبرهم فلا يجوز تصديقهم فيما أخبروا من قصة أصحاب الكهف.

  فأخبر الله تعالى بأنهم: