[فوائد من سورة البقرة]
  عباده القوى والقُدَر والتمكن؛ فإن شاء سلبهم قواهم وقُدَرَهم فتتعذر منهم حينئذ الأفعال، وإن شاء حال بينهم وبين فعل ما يريدون، وإن شاء صرف عزائمهم عن فعل ما كانوا عزموا عليه.
  ٣ - وليكن على علم منك أن الله تعالى لا يحول بين المكلفين وبين فعل طاعته، ولا يصرف نياتهم عن فعلها، كيف والله تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات].
  ١ - وفي الآية: أن القائل في خبره عن المستقبل: «إن شاء الله» مُعَانٌ بدليل أن أهل هذه المقالة اهتدوا إلى فعل ما أمروا به.
  ٢ - أن على المؤمن أن يستعين في جميع أموره بالله تعالى، ويسأله الإعانة والتوفيق والتسديد، ويعتمد عليه في استنجاح أموره كلها الدينية والدنيوية.
  ٣ - وقد يؤخذ من ذلك أن المتكلم الواحد عن نفسه وعن جماعته الحاضرين معه عند التكلم من غير أن ينكروا عليه ما تكلم به يقوم كلامه مقام كلام جميع الحاضرين سواء أكان الكلام لهم أم عليهم.
  فإن أساء المتكلم في كلامه حكم عليهم بالإساءة جميعاً، وإن أحسن حكم بالإحسان لهم جميعاً.
  ويلحق بذلك ما إذا فعل أحدهم فعلاً بحضرة جماعته من غير أن يصدر منهم عليه إنكار فإنه يلحق الجميع حكم ذلك الفعل، فإن كان ذلك الفعل قبيحاً نسب إليهم جميعاً فعل القبيح، وإن كان حسناً نسب إليهم حسن ذلك الفعل.
  ٤ - وإذا كانت العلة في نسبة الفعل إلى الجميع هي الرضا بالفعل فإن الذي يستنكر الفعل المفعول بحضرته لا يلحقه حكمه، ويسلم من تبعاته.
  ٥ - إذا لم يستطع الحاضر أن ينكر ما فُعِل بحضرته من قول أو فعل فيكفيه الإنكار بقلبه، وهكذا جاء في السنة، ثم عليه أن يتحول.
  ٦ - ونظراً إلى العلة فإن من رضي بفعلٍ صدر في غير حضرته فإنه يعتبر شريكاً لفاعله، فإن كان طاعة لله أشرك في ثوابه، وإن كان معصية لله