المبحث الثاني الإنشاء
  ويهتم علماء البلاغة بالمعاني التي يخرج منها معنى النهي على حقيقته إلى المعاني الأخرى التي تستفاد من سياق الكلام وقرائن الأحوال.
من معاني النهي
(١) الدعاء
  ويكون من أدنى إلى أعلى، ومن صغير إلى كبير، ومن ضعيف إلى قوي، ومن مخلوق إلى خالق - كما في الأمر ... فقول المؤمن {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}[آل عمران: ٨] ليس نهياً الله تعالى أن يزيغ قلوب المؤمنين بعد أن أبلغهم جادة الهدى والإيمان، ولكنه دعاء يحمل معنى التوسل والرجاء.
  ومثله قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر:
  فلا تتركني وعيد كأنني ... إلى الناس مطلي به القارُ أجْرَبُ(١)
  فالشاعر لا يَنهَى الملك عن تركه بدائرة الوعيد والتهديد ليبقى بين الناس طريداً شريداً منبوذاً، كأنه البعير الأجرب، وقد دهن بالقار الكريه المنظر والرائحة، ولكنه يدعوه ويتوسل إليه. ولم لا يكون أسلوبه دعاءً أو رجاءً وهو الصغير تجاه المخاطب القوي الكبير؟
(٢) الالتماس
  وهو طلب النِّدّ من الندّ، والصديق من الصديق. فقول ابن ربيعة لفتاته:
  فلا تقتليني إنْ رأيتِ صبابتي ... إليك؛ فإني لا يحل لكم قَتلي(٢)
(١) ديوان التابعة ص ١٣.
(٢) ديوان عمر بن أبي ربيعة ص ٣٣٨.