البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثالث المسند إليه

صفحة 125 - الجزء 1

  غائب. في حال الإفراد أو التثنية أو الجمع.

  ففي مقام التكلم:

  أنا ما عَتَبتُ على الصحاب ... فليس في الدنيا صحاب

  أنا كالمسافر لاح لي ... أيك وأغرتني قباب

  أنا لا أرج جي غير جبار ... السماء ولا أهاب

  وفي مقام الخطاب:

  وإذا سألت عن الذنوب ... فإن أدمعي الجواب

  أنت المرجى لا تناخ ... بغير ساحتك الركاب

  أنت اللبانة في الجوانح ... لا النوار ولا الرباب⁣(⁣١)

  وفي مقام الغيبة:

  خُلِقَ الشاعر والبؤس معاً ... فهما خلان لم يفترقا

  قد سرى في الكون حتى لم يدع ... في قلوب الناس قلباً مغلقا

  حزن هادى في غبطة ... وهو لو ذقت نعيم في شقا⁣(⁣٢)

  ويبدو لنا أن ليس في هذه الضمائر كبير بلاغة، لأن أسلوب العربية ونهج كلامها يتطلبان هذه الضمائر.

  إنما البلاغة في ضمير المخاطب فهو إذا كان أصلاً لرجل أو امرأة مخاطبين معينين، فإنه قد يستعمل كذلك الاستعمال ذاته، دون أن يُقصد به مخاطب معين. إذ يصح أن يقصد به كل إنسان، في كل زمان، وكل مكان. مَثَل ذلك مطلع قصيدة المتنبي التي أنشدها كافوراً عند أوّل لقاء. وكان قبله يتقطع ألماً على فراق سيف الدولة:


(١) أبيات المقطعين الأول والثاني من ديوان بدوي جبل ص ٧٢.

(٢) ديوان بدوي الجبل ص ٤٣٩.