المبحث الرابع المسند
  المجهول الذي هو «الخطيب» خبراً، فتقول له: علي الخطيب.
  وإذا كان يعرف العكس، أي يعرف أن في البلدة خطيباً، ويعرف أشخاصاً كثيرين كأحمد ومحمد ومصطفى وعلي وخالد ووضاح، ولكنه لا يدري من هو الخطيب، فتعيّنه له، وذلك بأن تجعل المعلوم «الخطيب» مبتدأ، والمجهول الذي هو «علي» خبراً. فتقول له: الخطيب علي.
  بعبارة أخرى، نلتفت إلى الثابت والمتغير في الجملة، فنقدم الثابت ثم نأتي بالمتغيّر.
  ولتوضيح هذه العبارة نشير إلى أن كثيراً من علماء النحو فرقوا بين المبتدأ والخبر، إذا كانا معرفتين. فقالوا: أقوى المعارف هو الضمير، ثم العَلَم، ثم الإشارة، ثم الموصول، ثم المعرّف باللام، ثم المضاف إلى معرفة. وبناءً على هذا الأساس قالوا في إعراب: العالم زيد: العالم خبر مقدم، وزيد مبتدأ مؤخر. وعللوا ذلك بأن العلم أقوى في المعرفة من المعرف باللام، وجعلوا الأقوى مبتدأ، والأضعف خبراً.
  وهناك فريق آخر من النحويين لم ينظر هذه النظرة، وعد المعارف متساوية، وأعرب المتقدم مبتدأ، والمتأخر خبراً وقال عن «العالم زيد»: «العالم» مبتدأ، «وزيد» هو الخبر.
  وسار علماء البلاغة سيرة الفريق الثاني من النحويين، فعَدُّوا المتقدم مسنداً إليه، والمتأخر مسنداً.
  وحين نفرق بين الجملة التي قام فيها المسند إليه والمسند معرفتين نقدم الذي نعرفه ونتثبت منه، ونؤخر العنصر الثاني.
  إذا علمنا «الذات» المتمثل في شخص «عليّ» مثلاً وجهلنا صفته: أهو الحاكم، أم القاضي أم، المعلم أم التاجر، أم الخطيب، أم المؤذن،