البلاغة بين اللفظ والمعنى
  تأمل قول السيد عبد الله الأدكاوي(١) يرثي الشيخ العشماوي(٢):
  يا أمة الإسلام يا أهل الهدى ... علماءَه من مُبْتَدٍ أو منتهي
  قدمات عشماويُّكم تبا لمن ... بالمجدِ عَن ثوب التأسفِ يلتهي
  مَنْ بَعْدَه للترمذي(٣) ومُسْلِمٍ(٤) ... أو للبخاري(٥) الصحاح الأوجهِ
  فالشافعي(٦) نادى ليوم مُصابهِ ... أوّاه ضاعَ مَذاهِبي وتفقهي(٧)
  هل تحسن في هذه الأبيات بغير كلمات رَصَفها الشاعر، ومَلاً بها فراغ الأبيات؟ بل تأمل المعنى، ولماذا يكون الاشتغال بالمجد مانعاً لصاحبه من لبس ثوب التأسف أو جبته؟ هل يعني ذلك أنه يجب على تلاميذ الراحل ألا يشتغلوا عن تشييع جنازته والعزاء فيه بالذهاب إلى حلقات الدرس، أو ماذا يعني؟ وتأمل استعمال قوله الأوجه في البيت الثالث، وعطف «تفقهي» وهو مفرد على «مذاهبي» وهو جمع؟ أترضى الفصاحة بهذا اللون من التعبير، بل أيرضى طالب متأدب في عصرنا أن تنسب إليه مثل هذه الأبيات؟
(١) متأدب مصري ينسب إلى قرية «أدكو» المصرية. له عدد من المؤلفات المخطوطة. توفي سنة ١١٨٤ هـ / ١٧٧٠ م. الأعلام ٢٣٤/ ٤.
(٢) لعل المقصد به: عبد اللطيف بن شرف الدين العشماوي: فقيه مالكي، نظم الفقه والعروض. توفي بمصر سنة ١٠٨٦ هـ / سنة ١٦٧٥ م. الأعلام ١٨٢/ ٤ أما إذا كان المقصود غيره فلم نعثر له على ترجمة.
(٣) محمد بن عيسى الترمذي: من أئمة الحديث، وصاحب الجامع الكبير، والشمائل النبوية، والتاريخ والعلل. ت ٢٧٩ هـ / ٨٩٢ م. الأعلام ٢١٣/ ٧.
(٤) مسلم بن الحجاج من أئمة الحديث، صاحب صحيح مسلم وكتب أخرى. ويعد صحيحه مع صحيح البخاري أصح شيء بعد القرآن ت ٢٦١ هـ / ٨٧٥ م. الأعلام ١١٧/ ٨.
(٥) محمد بن إسماعيل، أكبر عالم بالحديث صاحب الجامع الصحيح المعروف بصحيح البخاري وهو أوثق كتاب في الحديث. ت ٢٥٦ هـ / ٨٧٠ م. الأعلام ٢٥٨/ ٦.
(٦) محمد بن إدريس المعروف بالإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. ت ٢٠٤ هـ / ٨٢٠ م. الأعلام ٢٤٩/ ٦.
(٧) عجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي ١٩٦/ ١.