البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

مدرسة المعنى

صفحة 19 - الجزء 1

  وتأمل قول ابن سناء الملك⁣(⁣١) في ممدوحه:

  مُكَمَّل، وسواه ناقص أبداً ... كأنّه «كان» قد جاءتْ بلا خَبَرِ

  غزا، وطالت مغازيه، وقد غُزيَتْ ... صلاته حين طال الغزو بالقِصر

  الشاعر يحشو في جو المديح ألفاظ العلوم، ولا يرى أمامه إلا كان حين تنتقل من النقصان في رفع المبتدأ ونصب الخبر إلى التمام حين تكتفي بفاعل، وكأن هذا العمل في نظره شبيه لممدوحه الموصوف بالتمام والكمال. وكذلك فإنه أراد أن يقول شيئاً ما عن حروبه الطويلة، فلم يجد أمامه إلا مقارنتها بصلاته التي صارت مقصورة لانشغاله بحروبه وغزواته. أفليس في هذا التعبير والتشبيه تفاهة ما بعدها تفاهة، وانحطاط في وادٍ سحيق من سفساف الكلام الرخيص؟

مدرسة المعنى

  أما الفريق الثاني الذي انحاز إلى جانب المعنى فنجده ممثلاً رأي ابن جني⁣(⁣٢) في كتابه «الخصائص»⁣(⁣٣)، وفي بعض عبارات الشريف الرضيّ⁣(⁣٤) في كتابه «تلخيص البيان في مجازات القرآن»⁣(⁣٥).

  ولعل ما جاء به ابن جني أوضح تعبير عن هذه النظرية، فلقد أفرد باباً مستقلاً لهذا الموضوع جعل عنوانه «باب في الرد من ادعى على


(١) اسمه هبة الله بن جعفر شاعر من النبلاء، مصريّ المولد والوفاة، كان وافر الفضل، جيد الشعر، بديع الإنشاء. من كتبه دار الطراز في الموشحات، وفصوص الفصول وروح الحيوان وديوان شعر. الأعلام ٥٧/ ٩.

(٢) عثمان ابن جني. نحوي، ولد بالموصل ومات ببغداد، له مؤلفات عدة. ت ٣٩٢ هـ / ١٠٠٢ م. الأعلام ٣٦٤/ ٤.

(٣) تحقيق محمد علي النجار، وطبع مطبعة دار الكتب المصرية لعام ١٣٧١ هـ / ١٩٥٢ م.

(٤) محمد بن الحسين، المعروف بالشريف الرضي، أشهر شعراء الطالبيين. ت ٤٠٦ هـ / ١٠١٥ م. الأعلام ٣٢٩/ ٦.

(٥) تحقيق محمد عبد الغني حسن، ونشر دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة سنة ١٩٥٥.