المبحث الخامس أحوال متعلقات الفعل
  لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٣٥] والتقدير: ولو شاء الله أن يجمعهم على الهدى لجمعهم. ومثله قولك: لو شئت قمت التقدير لو شئت القيام لقمت.
  تفسير ذلك أنك حين قلت: «لو شئت» علم السامع أنك علقت المشيئة بشيء، فيقع في نفسه أن هناك شيئاً تعلّقتْ به مشيئتك بأن يكون، أو لا يكون فإذا قلت: «قمت» عرف ذلك الشيء. وهذا معنى «البيان بعد الإبهام».
  يبقى متعلق فعل المشيئة في الشيء النادر الحدوث، أو الغريب، أو الذي لا يعرفه المرء مباشرة. كقولك: لو شئت أن أبكي دماً لبكيت. فالبكاء دماً لا يحدث على الدوام، ولا يتبادر إلى الذهن فوراً، ولذلك فإنه يجب أن يذكر ولا يحذف.
٢ - دفع توهم غير المراد
  قال البحتري:
  وكم ذُوتَ عني من تحامل حادث ... وسورةِ أيام حَزَرْنَ إلى العظم(١)
  لو ذكر الشاعر مفعول الفعل «حززن» وقال: «حَزَزْنَ اللحم» لتوهم السامع أن الحزِّ لم يكن أليماً عنيفاً كما أراده الشاعر، فدفع عن سامعه هذا التوهم فحذف المفعول، وصوّر له أن الحزّ مضى في اللحم حتى لم يردّه إلا العظم.
٣ - التأدب في الحديث
  روي عن السيدة عائشة ^ أنها قالت: كنت أنا ورسول
(١) ديوان البحتري ص ٢٠١٨، ومطلع القصيدة: «أمَنْ سَفَه يومَ الأُبَيْرِقِ أم حِلْم».