البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الخامس أحوال متعلقات الفعل

صفحة 157 - الجزء 1

  الله نغتسل من إناء واحد، فوالله ما رأيت منه ولا رأى مني.

  لقد حذفت السيدة عائشة ^ مفعول «رأيت» و «رأى» الذي هو «العورة» تأدباً.

  ومدح البحتري فقال:

  قد طلبنا، فلم نجد لك في السُّؤدد ... والمجد والمكارم مثلا⁣(⁣١)

  أصل البيت: قد طلبنا لك مثلاً وشبيها في السؤدد والمجد والمكارم، فلم نجد من يماثلك.

  لقد حذف البحتري مفعول «طلبنا» ولم يحذف مفعول «لم نجد» فلماذا؟ يبدو لنا أن البحتري كان في غاية التهذيب في هذا الحذف للفعل «قد طلبنا» وفي الذكر لفعل «لم نجد». والسبب أنه من العيب أن يقال لملك أو وزير أو أمير أو ممدوح أو حبيب: قد طلبنا لك مثلاً فلم نجد؛ لأن الإزماع على طلب مثيل، والتصريح بهذا الطلب معيب.

٤ - التعميم مع الاختصار

  مثل ذلك لو قلت لصاحبك الذي آلمك بقوله وبفعله: قد كان منك ما يؤلم. فأنت حذفت مفعول «يؤلم» مريداً التعميم في المعنى والشمول. فكأنك قصدت: قد كان منك ما يؤلمني ويؤلم كل إنسان.

٥ - الاختصار

  مثله لو قلت: «أنا أصغي إليك» فالمفهوم أنا أصغي «أذني» إليك. وحذف المفعول للاختصار وحده؛ لأنه يفهم من سياق الكلام.


(١) ديوان البحتري ص ١٦٥٧، ومطلع القصيدة «إن سير الخليط حين استقلا».